العبر والعظات والدلالات من بدء الوحي
ونستطيع أن نجمل هذه الدلالات فيما يلى :-
1- التمييز الواضح بين القرآن و الحديث ’ إذ كان يأمر بتسجيل الأول فوراً ’ على حين يكتفى بأن يستودع الثانى ذاكرة أصحابه ’ لا لأن الحديث كلام من عنده لا علاقة له بالنبوة ’ بل لأن القرآن موحى به إليه بنفس اللفظ و الحروف بواسطة جبريل عليه السلام ’ فكان يحاذر أن يختلط كلام الله عز وجل الذى يتلقاه من جبريل بكلامه هو صلى الله عليه وسلم .
2- كان النبى صلى الله عليه وسلم يسأل عن بعض الأمور ’ فلا يجيب عليها ’ وربما مر على سكوته زمن طويل ’ حتى إذا نزلت آية من القرآن فى شأن ذلك السؤال ’ طلب السائل وتلا عليه ما نزل من القرآن فى شأن سؤاله . وربما تصرف الرسول فى بعض الأمور على وجه معين ’ فتنزل الآيات من القرآن تصرفه عن ذلك الوجه ’ وربما إنطوت على عتب أو لوم له صلى الله عليه وسلم .
3- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أميّاً .... وليس من الممكن أن يعلم الإنسان بواسطة المكاشفة النفسية حقائق تاريخية ’ كقصة يوسف .... وأم موسى حينما ألقت وليدها فى اليم .... وقصة فرعون .... ولقد كان هذا من جملة الحكم فى كونه صلى الله عليه وسلم أميّاً : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون ) العنكبوت 48 .
4- إن صدق النبى صلى الله عليه وسلم اربعين سنة مع قومه واشتهاره فيهم بذلك ’ يستدعى أن يكون صلى الله عليه وسلم من قبل ذلك صادقاً مع نفسه ’ ولذا فلا بدّ أن يكون قد قضى فى دراسته لظاهرة الوحى على أى شك يخايل لعينه أو فكره .
وكأن هذه الآية جاءت رداً لدراسته الأولى لشأن نفسه مع الوحى : ( فإن كنت فى شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك’ لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) يونس 94
ولذا روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال بعد أن نزلت هذه الآية : لا أشك ولا أسأل .