العبر و العظات :
يؤخذ هذا المقطع من سيرته صلى الله عليه وسلم مبادىء وعظات هامة نجملها فيما يلى :
1- فيما أوضحناه من نسبه صلى الله عليه وسلم دلالة واضحة على أن الله سبحانه وتعالى ميز العرب على سائر الناس ’ وفضل قريش على سائر القبائل .
2- ليس من قبيل الصدفة أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيما ’ ثم لا يلبث أن يفقد أمه وجده أيضاً ’ فينشأ النشأة الأولى من حياته بعيداً عن تربية الأب ورعايته ومحروماً من عاطفة الأم وحنوّها . ولقد إختار الله عز وجل لنبيه هذه النشأة لحكم باهرة ’ لعل من أهمها أن لا يكون للمبطلين سبيل الى إدخال الريبة القلوب أو إيهام الناس بأن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما رضع لبان دعوته ورسالته التى نادى بها منذ صباه ’ بإرشاد وتوجيه من أبيه وجده ’ ولم لا ؟ وإن جده عبد المطلب كان صدراً فى قومه ’ فلقد كانت إليه الرفادة و السقاية .
3- يدل ما إتفق عليه رواة السيرة النبوية من أن منازل حليمة السعدية عادت مترعة خضراء بعد أن كانت مجدبة قاحلة ’ وعاد الدرّ حافلا فى ضرع ناقتها الكبيرة المسنّة بعد أن كان يابساً لا يتندى بقطرة لبن - يدل ذلك على علوّ شأن الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعة مرتبته عند ربه حتى عندما كان طفلاً صغيراً كغيره من الأطفال. يقول سبحانه وتعالى ( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين )
4- تعد حادثة شق الصدر التى حصلت له عليه الصلاة و السلام أثناء وجوده فى مضارب بنى سعد من إرهاصات النبوة ودلائل إختيار الله إياه لأمر جليل ’ وقد رويت هذه الحادثة بطرق صحيحة وعن كثير من الصحابة منهم أنس بن مالك فيما يرويه مسلم فى صحيحه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه ’ فاستخرجه ’ فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ’ ثم غسله فى طست من ذهب بماء زمزم ثم أعاده الى مكانه . وجاء الغلمان يسعون الى أمه - مرضعته - ينادون : أن محمداً قد قتل ’ فاستقبلوه وهو ممتقع اللون .