«الصّوم المفروض»
ينقسم الصّوم المفروض من العين والدّين ، إلى قسمين :
منه ما هو متتابع ، ومنه ما هو غير متتابع ، بل صاحبه بالخيار : إن شاء تابع ، وإن شاء فرّق.
«أوّلاً : ما يجب فيه التّتابع ، ويشمل ما يلي»
9 - أ - صوم رمضان ، فقد أمر اللّه تعالى بصوم الشّهر بقوله سبحانه : « فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ » والشّهر متتابع ، لتتابع أيّامه ، فيكون صومه متتابعا ضرورةً.
ب - صوم كفّارة القتل الخطأ ، وصوم كفّارة الظّهار ، والصّوم المنذور به في وقت بعينه ، وصوم كفّارة الجماع في نهار رمضان.
وتفصيله في مصطلح : « تتابع » .
«ثانياً : ما لا يجب فيه التّتابع ، ويشمل ما يلي»
10 - أ - قضاء رمضان ، فمذهب الجمهور عدم اشتراط التّتابع فيه ، لقوله تعالى : « فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ » فإنّه ذكر الصّوم مطلقاً عن التّتابع.
ويروى عن جماعة من الصّحابة ، منهم : عليّ ، وابن عبّاس ، وأبو سعيد ، وعائشة ، رضي الله تعالى عنهم أنّهم قالوا : إن شاء تابع ، وإن شاء فرّق.
ولو كان التّتابع شرطاً ، لما احتمل الخفاء على هؤلاء الصّحابة ، ولما احتمل مخالفتهم إيّاه. ومذهب الجمهور هو : ندب التّتابع أو استحبابه للمسارعة إلى إسقاط الفرض.
وروي عن مجاهد أنّه يشترط تتابعه لأنّ القضاء يكون على حسب الأداء ، والأداء وجب متتابعاً ، فكذا القضاء.
ب - الصّوم في كفّارة اليمين ، وفي تتابعه خلاف ، وتفصيله في مصطلح : « تتابع » .
ج - صوم المتعة في الحجّ ، وصوم كفّارة الحلق ، وصوم جزاء الصّيد ، وصوم النّذر المطلق ، وصوم اليمين المطلقة.
قال اللّه - عزّ وجلّ - في صوم المتعة : « فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ » .
وقال في كفّارة الحلق : « وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ » .
وقال في جزاء الصّيد : « أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ » .
فذكر الصّوم في هذه الآيات مطلقاً عن شرط التّتابع.
وكذا : النّاذر ، والحالف في النّذر المطلق ، واليمين المطلقة ، ذكر الصّوم فيها مطلقاً عن شرط التّتابع.
وللتّفصيل انظر مصطلح : « نذر ، وأيمان » .
«الصّوم المختلف في وجوبه ، ويشمل ما يلي»
الأوّل : وهو قضاء ما أفسده من صوم النّفل :
11 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ قضاء نفل الصّوم إذا أفسده واجب ، واستدلّ له الحنفيّة : بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : « كنت أنا وحفصة صائمتين ، فعرض لنا طعام اشتهيناه ، فأكلنا منه. فجاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة - وكانت ابنة أبيها - فقالت يا رسول اللّه : إنّا كنّا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه قال : اقضيا يوماً آخر مكانه » .